هي مهمة مستحيلة أن نتوقع من فيلم وثائقي أن يحل أحد أكثر الصراعات ديمومة وتعقيدًا واستعصاءً على الحل في العالم، وفي مواجهة الإحباط والألم الناجم عن الوضع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل مباشر، حيث أصبح فيلم "لا أرض أخرى" الفيلم الوثائقي الأكثر شهرة لهذا العام، وذلك بعد فوزه بجائزتين عندما عرض لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي الدولي في شباط/فبراير 2024، وهما جائزة الجمهور وجائزة الفيلم الوثائقي، بالإضافة إلى جائزة دائرة نقاد السينما في نيويورك لأفضل فيلم غير روائي، كما حصل على ترشيح لجائزة الأوسكار ليفوز فيلم "لا أرض أخرى" بالجائزة ، علما أن عنوان "لا أرض أخرى" يأتي من صرخة امرأة فلسطينية مجهولة الهوية تسأل أين يمكنني أن أعيش؟.
والفيلم من تأليف وإنتاج وتحرير وإخراج فريق مكون من أربعة أشخاص من الفلسطينيين باسل العدرا وحمدان بلال والإسرائيليين يوفال أبراهام وراشيل سزور بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي مساء الأحد، وفي خطاب قبول الجائزة، دعا مخرجي الفيلم العالم إلى إنهاء ما وصفاه بـ"التطهير العرقي للشعب الفلسطيني".
إن مجرد وجود الفيلم نفسه - الذي تم صنعه من خلال جهد تعاوني بين أشخاص على جانبي الصراع - يبدو بطريقة ما وكأن الحل المتجذر في التفاهم والإنسانية المشتركة ممكن،
هذا وبدأ التصوير في عام 2019 وانتهى في عام 2023، قبل وقت قصير من هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وقال باسل العدرا، وهو صحفي فلسطيني وهو أحد المخرجين الأربعة المشاركين في الفيلم: "قبل شهرين تقريبًا، أصبحت أبًا. وأملي لابنتي ألا تعيش نفس الحياة التي أعيشها الآن، حيث أخشى دائمًا المستوطنين والعنف وهدم المنازل والتهجير القسري الذي يعيشه مجتمعي في مسافر يطا كل يوم تحت الاحتلال الإسرائيلي"، وتابع " لا أرض أخرى يعكس الواقع القاسي الذي نعاني منه منذ عقود من الزمن، وندعو العالم إلى اتخاذ إجراءات جادة لوقف الظلم ووقف التطهير العرقي للشعب الفلسطيني".
وباسل العدرا هو مخرج وصحفي فلسطيني ولد في بلدة التواني من بلدية الخليل، ويسكن في مسافر يطة، يعمل كمراسل في وكالات محلية، يعاني العدرا، كونه من سكان مسافر يطا من خطر التهجير القسري الدائم منذ عقود من الجيش الاسرائيلي، وعلى خطى أهله، الذين يقاومون الاحتلال منذ سنوات، ويعمل لفضح انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحتلة في الضفة الغربية.
ويخاطر العدرا بالاعتقال لتوثيق تدمير مسقط رأسه في الطرف الجنوبي من الضفة الغربية، والتي يهدمها الجنود الإسرائيليون لاستخدامها كمنطقة تدريب عسكرية، تسقط توسلات العدرا على آذان صماء حتى يتعرف على صحفي إسرائيلي يهودي يساعده في تضخيم قصته.
وقال الصحفي والمخرج الإسرائيلي يوفال أبراهام: "لقد صنعنا هذا الفيلم كفلسطينيين وإسرائيليين لأن أصواتنا معًا أقوى". واستخدم خطاب قبوله لانتقاد حكومة بلاده لما أسماه "التدمير الوحشي لغزة وشعبها". وحث حماس على إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، واستمر في الدعوة إلى "حل سياسي يضمن الحقوق الوطنية لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين"، متهماً الولايات المتحدة "بالمساعدة في عرقلة هذا المسار".
أضاف إبراهام وسط تصفيق الحاضرين: "إن السياسة الخارجية في هذا البلد تساعد في سد هذا الطريق، ألا ترون أننا مرتبطون ببعضنا البعض، وأن شعبي يمكن أن يكون آمناً حقاً إذا كان شعب باسل حراً وآمناً حقاً؟ هناك سبيل آخر، لم يفت الأوان بعد على الحياة بالنسبة للأحياء، فلا يوجد سبيل آخر".
على الرغم من أن فيلم "لا أرض أخرى" كان الفيلم الوثائقي الأكثر ربحاً هذا العام والذي فاز بجائزة الأوسكار متفوقا على حرب الخزف" و"قصب السكر" و"مذكرات الصندوق الأسود" و"الموسيقى التصويرية لانقلاب"، وقد اختير للتوزيع في 24 دولة إلا أنه لا يزال بدون موزع رسمي في الولايات المتحدة.
وقال العدرا لوكالة NPR بأنه شعر "بعدم اليقين بشأن قوة الكاميرا بعد أن شهد العنف في غزة"، وتابع: " لطالما اعتقدت أنه عندما يرى الناس ما يحدث في مقاطع الفيديو التي نخاطر بحياتي وحياة الفلسطينيين الآخرين لتصويرها، فإن ذلك سيغير شيئاً ما. أعني، ما حدث في غزة في العام الماضي، لم أتخيل قط في حياتي أننا سنعيش ليوم واحد لنرى هذه المجازر تحدث، ولا يزال المجتمع الدولي يدعم إسرائيل".
الفيديو من قناة Dogwoof والصورة الرئيسية AP